ولدت في باب الشعرية لأب يعمل في مصنع طرابيش أنشأه محمد علي، ومن هنا عرفت في الحي بجليلة الطرابيشي، تزوجت من الشيخ معاوية، مدرس بالأزهر ورزقا براضية وشهيرة وصديقة وبليغ.
عرفت بانها موسوعة في الغيبيات والكرامات والطب الشعبي، وسط اعتراض من زوجها معاوية لتعارضها مع الدين، رغم استسلامه لبخورها ورقيتها حين مرضه مرددا وراءها بعض التعاويذ.
لقنت بناتها ما لديها من علم وخبرة، ولكن لم تبرع منهن أحدا غير راضية، هي من استوعبت ما لديها من ميراث لا يقدر بثمن.
بعد أن أعلن الشيخ معاوية خطبة بنته راضية إلى عمرو المصري، توفي الشيخ معاوية بعدها بساعة واحدة، وسط صوات جليلة على مصيبتها وصل نيشان العروس، تقبل جليلة الهداية وأعلنت الإستمرار في الخطوبة رغم المصيبة، جففت دموعها ووقفت خلف النافذة مطلقة زغرودة مجلجلة ورجعت إلى غرفة الجثمان وارحت تصوت من أعماق صدرها.
كانت ترى معاوية هو أحد أبطال الثورة العرابية، وكانت تروي قصص بطولاته ووفترات سجنه لأحفادها، وكانت بنتها راضية وعمرو وأولادهم هم الأحب إلى قلبها.
تجاوزت المائة بعشرة أعوام، ومع الزمن فقدت السمع والبصر، وكانت تتعرف على الأحباب بلمسات أناملها، كانت شهيرة تضيق كثيرا بخدمتها، وكانت تفضل عليها قططها التي ملئت بهم البيت، أسلمت الروح على الكنبة وحيدة وكانت شهيرة نائمة في الدور الأعلى.